لا يختلف اثنان أن للشيخ محمد أيوب صوتاً جميلا يخترق قلب كل من سمعه وهو يتلو القران الكريم ، هو محمد أيوب بن محمد يوسف بن سليمان عمر .. ولد في مكة المكرمة عام 1372هـ .
القراءة الحجازية
عاش القران في وجدان شيخنا منذ نعومة أظافره ففي مقتبل عمره درسه على يد مشايخه الحجازيين كشيخه خليل بن عبد الرحمن القارئ في مسجد بن لادن التابع لجماعة تحفيظ القرآن عام 1385هـ والذي أخذ عنه التلاوات تلقينا فكان يرافق الشيخ أينما رحل حتي عندما ذهب الشيخ خليل إلى الطائف رحل معه الشيخ محمد أيوب إلى هناك.
وكان والد الشيخ محمد أيوب رحمه الله قد أوصى الشيخ خليل قارئ أن يهتم به كثيرا آملا أن يكون له شأن عظيم فكان كما أراد، من جانبه فقد اكتشف خليل قارئ بفراسته أن للشيخ محمد أيوب مستقبلا عظيما في تلاوة القرآن الكريم وحفظه.
ويروي ابن الشيخ خليل قارئ، الشيخ محمد خليل إمام مسجد قباء أن والده كان حريصا على طلابه ولا يفرض عليهم الحفظ كاملا بل كل على حسب إمكانياته وقدراته بل الأهم عنده تثبيت الحفظ.
تثبيت القرآن
وكان للشيخ خليل قارئ طريقة غريبة في تثبيت الحفظ والمراجعة حيث يروي لنا الشيخ محمد أيوب أنه كان يصلي مع زملائه صلاة النافلة ويقرأ الورد اليومي حيث يتابع الزميل المرافق التلاوة وحينما يخطئ (يفتح عليه) أي يصوب تلاوته وكان الشيخ خليل قارئ يقف خلفهما فكانت هذه الطريقة هي من أفضل الطرق لتثبيت القران وتعليمنا الإمامة منذ الصغر.
وكنا نراجع 4 أجزاء يوميا قبل دخول رمضان بفترة ليست بالقصيرة لنتهيأ لصلاة التراويح والقيام وكان شيخي خليل قارئ يوصينا بتقوى الله في إمامة الناس لأنها أمانة وأن لا نسرف في الأكل كي لا نرهق أنفسنا في الصلاة وكان يصف لنا بعض التمارين لكي نطيل النفس في التلاوة.
وحصل الشيخ محمد أيوب على الشهادة الابتدائية من مدرسة تحفيظ القرآن التابعة لوزارة المعارف عام 1386هـ وقد درس القران أيضا على الشيخ زكي داغستاني في نفس المدرسة، ثم انتقل إلى المدينة المنورة ودرس المرحلتين المتوسطة والثانوية في معهد المدينة العلمي، وتخرج فيه عام 1392هـ .
العلوم الشرعية
لقد تتلمذ الشيخ محمد أيوب على يد العديد من المشايخ والعلماء في المدينة ودرس على أيديهم ألواناً من العلوم الشرعية، كالتفسير وعلومه،و الفقه على المذاهب الأربعة،والحديث وعلومه ومصطلحه، وأصول الفقه، وغير ذلك. وكان من شيوخه: الشيخ عبد العزيز محمد عثمان و الشيخ محمد سيد طنطاوي و الشيخ أكرم ضياء العمري والشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبد المحسن العباد والشيخ عبد الله محمد الغنيمان والشيخ أبو بكر الجزائري وغيرهم.
إجازاته القرآنية
حصل الشيخ محمد أيوب على إجازات في القران الكريم برواية حفص عن عاصم من مشايخ القرآن الإعلام امثال الشيخ أحمد الزيات والشيخ خليل قارئ والشيخ حسن الشاعر إمام الحرم المدني السابق.
حياته العلمية
التحق بالجامعة الإسلامية وتخرج في كلية الشريعة عام 1396هـ، عمل الشيخ محمد أيوب بعد تخرجه في المرحلة الجامعية معيداً بكلية القرآن من 1397 ـ 1398هـ، وكلف بأمانة امتحانات الكلية لمدة عشر سنوات ، ثم تخصص في التفسير وعلوم القرآن، فحصل على درجة الماجستير من كلية القرآن، وكان موضوع الرسالة ((سعيد بن جبير ومروياته في التفسير من أول القرآن إلى آخر سورة التوبة)). وحصل على درجة الدكتوراه من الكلية نفسها عام 1408هـ، وكان موضوع الرسالة: ((مرويات سعيد بن جبير في التفسير من أول سورة يونس إلى آخر القرآن وبهذا يكون قد أخذ مرويات سعيد بن جبير في التفسير للقران كاملا)).
إضافة إلى عمله الجامعي فهو عضو في اللجنة العلمية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
وشارك في عدد من الندوات و الدورات و الفعاليات منها:
ندوة الشباب في مدينة كامبيس في البرازيل مع وفد من الجامعة الإسلامية.
دورات لتعليم اللغة العربية في عدد من الدول الإسلامية: باكستان، تركيا، السنغال، ماليزيا.
إمامة صلاة التراويح في مسجد برمنجهام ببريطانيا بتكليف من الجامعة الإسلامية.
لم أدرس المقامات
ويشير الشيخ محمد أيوب أنه مع حلاوة صوته الجميل وتعدد ألوانه أنه لا يعرف في المقامات شيئا ولكنه كان يدرس على شيخه خليل قارئ التلاوات القرآنية تلقينا فيما يؤكد لنا الشيخ محمد خليل أن والده كان يعلم طلابه طريقة التلاوة و لا يهتم بالصوت فكان يقول لهم ان لكل مقام مقال ولكل قراءة طريقة فقراءة التراويح تختلف عن قراءة الصلاة المفروضة وقراءة افتتاح المجالس تختلف عن قراءة التهجد وهكذا.
الإمامة والخطابة وتعيينه في الحرم المدني
تولى الإمامة والخطابة في عدد من مساجد المدينة، ومنها: إمام متعاون في المسجد النبوي منذ عام 1410هـ - إمام في مسجد قباء لصلاتي التراويح والقيام - إمام مسجد العنابية من عام 1394 ـ 1403هـ - و إمام مسجد عبد الله الحسيني من 1403هـ .
يروي الشيخ محمد أيوب عن تعيينه في الحرم المدني قائلا: حينما كنت إماما في مسجد قباء سمع عني الشيخ عبد العزيز بن صالح رحمه الله بأن هناك شيخا يدعى محمد أيوب يتميز بصوت حسن وأداء مميز فطلب من ابنه أن يحضرني لمجلسه فحينما وصلت إليه طلب منى الشيخ ابن صالح منه أن أتلو بعض الآيات فما أن استمع إلى قراءتي حتى أعجب بها الشيخ والحاضرون فقال لي الشيخ ابن صالح هل تستطيع أن تصلي بالناس في الحرم المدني صلاة التراويح وكان ذلك في أواخر أيام شهر شعبان فوافقت على ذلك فصدر القرار الحكومي بتعييني إماما مكلفا في الحرم المدني. حيث كان ذلك العام 1410 هــ وصليت صلاة التراويح كاملة لوحدي في تلك السنة عدا ثلاثة أيام من رمضان. وقد كان شيخي الشيخ خليل قارئ في تلك السنة في خارج البلاد فكان يستمع إلى قراءتي عن طريق المذياع ويتصل بي يوميا ويدعو لي.
وأضاف: " تنتابي رهبة شديدة كلما وقفت في محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أخشى ألا أقوم بها على الوجه المطلوب وسألت الله أن يثبتني وأن أقوم بالمسؤولية الملقاة على كاهلي ".
تسجيل المصحف
وكان الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله قد أصدر قرارا ملكيا يقضي بتكليف الشيخ محمد أيوب بتسجيل مصحف كامل في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة إضافة للشيخ علي الحذيفي والشيخ إبراهيم الأخضر.
حيث قام الشيخ محمد أيوب بتسجيل المصحف المدني بالقراءة الحجازية المكية تنفيذا لرغبة الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله.
أهل القرآن
بقي ان نقول أن للشيخ محمد أيوب عائلة مكونة من 13 شخصا وهو متزوج بزوجتين وله من الأولاد 5 كلهم من حفظة كتاب الله عزوجل وبنتان أيضا من الحافظات لكتاب الله وهذا مما تتميز به عائلة الشيخ عن غيرها من العائلات. فقد كرس جهده ووقته لتعليم أهله ولم يكتف بذلك بل كان لأولاده معلما خاصا للقران في المنزل.
فالأكبر خالد فهو مدرس للقران في مدارس تحفيظ القران في المدينة والزبير أستاذ في الجامعة الإسلامية في قسم اللغة العربية و سعد طالب في الهندسة ومصعب يدرس الطب في جامعة طيبة ويوسف طالب في المرحلة الثانوية ويشارك في برنامج (بالقرآن نحيا) والذي يبث يوميا عبر القناة الرياضية السعودية خلال هذا الشهر المبارك.
مـحـمـد أيـوب.. مـزمـار من مزامـير آل داوود
"محمد الغروي- جدة" - صحيفة عكاظ ( الخميس 25 من رمضان 1429هـ ) 25/ سبتمبر/2008 العدد : 2657